لبنان
كانت المشكلة الحقيقية للحرب الاهلية في لبنان، بالاضافة لقضايا الفساد والانفراد بالسلطة، ان جيهة التحرير الفلسطينية عندما انتقلت للبنان وكانت تهاجم اسرائيل منها كانت اسرائيل ترد بقصف بيروت الى ان قصفت 7 طائرات لبنانية، هذا دفع اليمنين اللبناني للاحتجاج قالوا بان لبنان مؤيدة للقضية الفلسطينية ولكنها لا يجب ان تكون دولة حرب فلبنان غير قادرة على مواجهة اسرائيل هذا ما قاله البير الجميل احد قادة الكتائب اللبنانية التي تمثل الموارنة، كان الطرف الاخر الممثل باليسار المكون باغلبية مسلمة يدعم المقاومة الفلسطينية تماماً كونها جزء من القضية العربية وطردهم يعني خذلانهم وكان يدعم الفدائيين المتواجدين بلبنان بقيادة ياسر عرفات، والحقيقة ان المنطق كان موجود لدى الفريقين، بعد انتهاء الفترة الشهابية والهدوء الذي حققه الجنرال فؤاد شهاب بعد اتفاقية القاهرة،و لكن التوتر عاد من جديد بعد رحيله ولم يحتج الامر اكثر من اشعال مناوشات بسيطة لتتحول لواحدة من اكبر الحروب الاهلية واقذرها، واشتعلت المناطقية والصراع الديني وقتل المدنيون على الهوية، حتى ان المثقفين تورطوا بشكل فج في الحرب، بعد 15 سنة توقفت الحرب بسقوط 160 الف ضحية، ولم يحسم اي طرف المعركة لصالحه.
العراق
بعد سنوات من الحروب الطائفية التي جعلت من الميليشيات الشيعية قوة ثانية (وربما اولى) بعد الجيش العراقي الطائفي ايضاً، كانت ترتكب المجازر دون اي اعتراض من الحكومة، لم يكن متوقع من المناطق السنية احترام النظام العراقي الذي طارد حتى السياسيين السنة وسجنهم وصولاً لنائب رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، وبعد ازمة 2013-2014 وقمع الاحتجاجات الشعبية في المحافظات الست التي يتواجد فيها السنة، انشأوا مقاومة مسلحة "جيش العشائر" وكردة فعل على عنف السلطة وقضف مناطقهم بالطائرات تم التنسيق بين بعض شيوخ العشائر و داعش كحليف (ما دام العدو واحد)، كان هذا خطأ كارثي اكتشفوا خطورته ومغبة ردة فعلهم متأخرين، ربما اضاع قضيتهم العادلة تماماً وجعل دول العالم تتحالف مع النظام العراقي وتختفي كل المطالب الحقة، حتى انهم انفسهم اضطروا للتعاون مع النظام العراقي للتخلص من داعش، في الوقت ذاته كان الاكراد تحت قيادة سياسية اكثر حتكة ومجتمع اكثر تماسك استطاعوا نيل حقوهم وتحقيق الاستقرار النسبي والخروج بشكل كبير من سيطرة فرق الموت الشيعية من جهة وتأمين محافظاتهم من خطر داعش من جهة اخرى.سوريا
كان من غير المنطقي ان تحدث الثورات في الوطن العربي ولا يحدث هذا في سوريا، اكثر الانظمة دكتاتورية في المنطقة، قمع النظام السوري على مدار اشهر كل الاحتجاجات السلمية، وكردة فعل على قمع الاسد للاحتجاجات ظهرت المعارضة المسلحة، واختفت المسيرات تحت صوت الرصاص، الفوضى كانت بيئة مناسبة لظهور الجماعات المتطرفة التي كانت على عداء مع نظام الاسد، وكردة فعل تحالفت المعارضة المسلحة مع جبهة النصرة فرع القاعدة في سوريا، ورغم ان هذا حقق لها انتصارات ميدانية وعسكرية، الا انها في الحقيقة خسرت القضية وخسرت الدعم الدولي لها.اليمن
في اليمن تحول الصراع مع الحوثي من صراع على الدولة المدنية واسقاط الميليشيا لصراع مناطقي ذو بعد طائفي، فشمال الشمال الذي استحوذ على السلطة طيلة القرون الماضية مضى في مشروع السيطرة وحروبه المتكررة على بقية المناطق لا يريد ابناءه الاعتراف بتفردهم بالسلطة والثروة، سيطرتهم على الجيش بالاخص الذي اتضح انه لا ينتمي للدولة كمؤسسة وبالتالي يعتقد اصحاب المناطق الشافعية او الوسط والجنوب ان هذا الجيش لا يعبر عنهم، وكان من الطبيعي ان تحمل السلاح في وجه الجيش "المناطقي" الذي يساعد ميليشيا دينية في احتلال مناطق اخرى وحكمها، فالمدن التي لم تخرج فيها مظاهرة واحدة مؤيدة للحوثي وشعبيته فيها تقترب من الصفر وجدت نفسها مرغمة بقوة السلاح ان تدخل تحت حكمه، كما حصل في لبنان والعراق وسوريا، كانت ردة الفعل هي حمل السلاح لمواجهة الميليشيا اضافة الى ان النخب في هذه المناطق تبرر الطلعات الجوية السعودية وربما وصل البعض لانكار سقوط ضحايا مدنيين، قد يبدوا الامر كردة فعل منطقية ولكن وفق مجريات الاحداث ومع الشحن الطائفي فلن استغرب ان يكون هناك تعاطف مع القاعدة مستقبلاً في حال ما حصلت اي مواجهات بينها والحوثي، وهكذا كانت بداية سيناريو التحالف في العراق وسوريا وضياع القضية العادلة للشعبين.دائماً ردة الفعل على العنف تكون عاطفية وتخلوا من المنطق، وتضيع القضايا العادلة بسبب الرغبة في الانتقام الذي قد يحول الضحية الى جلاد دون ان يشعر.
في الحقيقة لا انتظر ان تتوقف اللغة المناطقية او الطائفية، نحن لسنا استثناء، سنصنع تجربتنا الخاصة في الحروب، وبعد انتهاء الحرب باتفاق سياسي لن يكون على السطح الا قيادات من القتلة لها شعبيتها وميليشياتها وتظل تحكمنا سنوات وسنوات، وبالتأكيد ستضيع القضية، اعني الدولة المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق